الثلاثاء، 10 أبريل 2012

منزل الأسرار (6)

الفصل الرابع والعشرون

النهاية


وهكذا كان أحمد ينظر نحوها وملامح المفاجئة على وجهه وهي تتحدث بهدوء وثقة عن ماضيها مع جيهان :

كنت في آخر سنة في كلية صيدلة لسه وردة بتفتح عالدنيا وعايشة حياة سعيدة مع أمي ست البيت الطيبة وأبويا الراجل العصامي اللي بنى نفسه من الصفر لغاية ما عمل الثروة اللي بنتسد عيها قصاد الزمن وغدره ...........الحاجه الوحيدة اللي كانت بتنغص الحياة المثالية دي رغبة أبويا الشديدة إنه يخلف ولد ومع السنين فقد الأمل ومخلفش غيري من أمي لغاية لما ظهرت جيهان كانت خبيثة قوي وفي فترة بسيطة قدرت تغير موقعها من موظفة صغيرة في الشركة لمرات صاحب الشركة امي ماستحملتش طلبت الطلاق وهو بعد واحنا بعدنا وإستفردت بيه جيهان ..........كانت أقصى مخاوفنا إنه تجيبله الولد ويكون مش إبنه لإستحالة ده مع سنه ومرضه لكن هي عدت سقف توقعاتنا وبمراحل..........


وهكذا بدأت أمينه تقص ماضيها وكيف طار والدها فوراً عندما أعلمته بجيهان بحملها ليس ذلك فقط فبعد الشهر الخامس جاءت له بالبشرى فالطبيب اخبرها أن المولود ولد .

كان العجوز يطير فرحاً فها قد تحقق حلم السنوات الضائعة ها قد جاء ولي العهد الذي سيحمل إسمه ويدير عمله وهكذا غرق العجوز في أحلامه ولعبت جيهان على الوتر الحساس وأقنعته أن الزمن غادر والزوجة السابقة وإبنتها لن تتركها ووليدها إذا ما تركها وحيدة والأجل غير معلوم !!!! وستبذل الأخرى الغالي والنفيس لإنكار نسب الطفل إنها حياة قاسية والمال سيعمي النفوس ...........


وفي أقل من شهر أبويا إقتنع بكلام جيهان و قرر يحميها هي وإبنه من غدر الزمن وغدري أنا وأمي كانت مسيطره عليه بطريقة غريبه ..........والنتيجة معروفة كتب ليها حقها هي وإبنها بيع وشراء علشان محدش يقدر يكلمها كتب حقها وزيادة حبتين كمان....... خدت الشركة كلها وإداني نصيبي في الشركة فلوس وكتبلي برده حقي بإسمي لما وزع بقية أملاكه وأراضيه علينا .....أنا ومراته وإبنه ....بعدها جيهان إتغيرت مع أبويا وكانت المفاجئة اللي وقعته وكسرته .....جيهان مش حامل ....عمرها ما كانت حامل كله كان كذب حتى بطنها كانت كذب صناعي ........كله كان تزوير لعبة محبوكة علشان تاخد كل حاجه بعد ماكتشفت إن الراجل صعب يخلف !!!!! أبويا راح فيها لما شافها بتتمتع بفلوسه وهو اللي سلمها ليها بإديه وأنا فضلت أتفرج عليها وهي عايشة في حقى ومالي ومش قادرة أعمل حاجه ومرت السنين كثير فكرت أقتلها بس ده مكنش حيرجع حقي صبرت بس كنت براقبها متفرغة ليها حياتي حياتها وشغلى متابعتها جوازتها ومغامرتها لغاية لما ظهرت إنت في الأول كنت فاكراك زيك زي اللي قبلك لكن إنت جبت الجون ودوقتها نفس الكاس اللي دوقت أبويا منه كنت سعيدة بس برده حقي مرجعليش وكمان بعد أكثر وميأستش جيت وراكم إسكندرية مكنتش مخططة حاعمل ايه بس لما لقيتك بتدور على حد يرعاها قدمت وجيت كنت عايزة أقرب منها أشمت وأرجع فلوسي .........مكنتش عارفه حاعمل ايه بس أقتنعها إني بمساعدتها ممكن نرجع فلوسنا أشوف حد ينصب عليك أي حاجه وعلشان كده سكتت وإنت شفتني أحسن حد بياخد باله منها ......جيهان مع الوقت كانت بدأت تنطق كلمات بسيطة مكنتش مفيدة في الاول لكن نفعت بعد ظهور ريم ......

وتتابع أمينة : وعرفت منها غن ريم شبه حبيبتك الاولى وحسيت بأمل لاني كنت مراقباك كويس وعارفه إن خطتي بقتلها وإبتزازك بعد ما ألبسك الحكاية ممكن متنجحش لأنك حتعاند وانا وانت والقضية بقة وحلني لكن ريم ظهرت وشفتك بتبصلها إزاي وشفت حبها بيتولد جواك ريم هي الجوكر بتاعي وطبعا مكنش ينفع أتفق معاها عليك هي مش النوع ده وعلشان كده مكنش قدامي حل غير جر رجلها في الحكاية وكنت عارفه إنك حتخاف عليها ومش حتسمح ببهدلتها أبداً خصوصاً إنها مالهاش ذنب وإديني طلعت على حق إحمي حبيبتك وإمضي يا أحمد رجعلي حقي وإنقذ ريم وإنقذ نفسك معندكش إختيار .


نظر لها أحمد ملياً كانت قصتها مليئة بالمفاجئات فلم يتخيل يوماً أن من عينها للإعتناء بالعجوز كانت عيناً عليه تراقبه وتعد أنفاسه من أجل إسترداد الثروة ...........

خدي اللي إنتي عايزاه خدي كل حاجه قالها وكان صوته يوحي بالراحة وكأنه إرتاح من عبء ثقيل ...........نظر نحوي كانت عيناه خليط بين الأمل والخوف بين السعادة والقلق ...............خرجت أمينة وهي سعيدة تشعر بالإنتصار وقالت مستنياك تحت الورق جاهز على إمضتك ونسجل بعد كده .

كنت صامته جامدة في مكاني أفكر في كل ما سمعته وكل ما مررت به أحسست أن الغرفة تفوح رائحتها قتلاً وإنتقاماً ويكمن فيها الشر والطمع هممت لأخرج قام سريعاً وأمسك بي سحبني من ذراعي قائلاً: ريم إستني

لوسمحت بجد عايزة أخرج من هنا مش قادرة ......كان البكاء يغالب صوتي والدموع محتبسة في عيني ولكنه إقترب مني لمست يداه وجنتي ونظر لي نظرة قوية كانت نظرته تسارع دقات قلبي وينتفض لها جسدي كنت ضعيفة كنت أضعف ما يكون أمامه قال لي بصوت رقيق : ريم أنا عارف إن اللي حصل صعب واللي عرفتيه أصعب بس يا ريم أنا بحبك بعشقك ريم أنا لما عرفتك نسيت كل حاجه الطمع والخوف والقلق قررت أمحيها من حياتي مكنتش عايز غير حياة جديدة معاكي إنتي قللتك يا ريم معاكي حارجع أحمد بتاع زمان ........ريم أنا قلتلك زمان دول مابيكدبوش وأشار لعينيه وعيني تركته سريعا متجهه لغرفتي والدموع تنهمر من عيني وأنا أقول : محتاجة أفكر لوحدي ..........أرجوك


مر وقت طويل نفذ أحمد ما طلبته أمينه وجاء الطبيب وقام بتحرير شهادة الوفاة فلم يلحظ شيئاً غير طبيعي لم أخرج من غرفتي فكرت كثيرا وكان الامر مجهداً فالأفكار جامدة والعقل كاد أن ينفجر نظرت من النافذة ربما لألقي نظرة أخيرة على مكاننا الجميل ورأيته كان جالساً أمام أرجوحتنا المتهالكة يبدو على وجهه الحزن الشديد وغادرت السعادة عيناه شعرت بالحزن من أجله كيف اتركه كيف أترك من أحب وهو في أشد الحاجه إلي يالني من حمقاء تحتكم لعقلها لتجرح الرجل الوحيد الذي عشقته ولن تعشق غيره .....................

كان صباحاً مشمساً جاء بعد ليلة ممطرة حملت حقيبتي لأغادر كانت امينة جالسة في المكتب فيما يبدو لحساب أملاكها لم تراني ولن تراني أنا أو غيري فقد نالت ما إشتهت منذ سنين كان هو يقف في الحديقة وتقابلنا وإلتقت أعيننا نظر نحوي في حسرة نطق بإسمي همساً ولم يقل غيرها : ريم

كان الموقف أكبر مني تخطيته في محاولة للخروج أو للهروب أمسك بيدي كان توسلاً ووداعاً ولكن صامتاً ........اصعب ما يكون كانت ذكرياتي منذ رأيته تمر أمام عيني سحبت يدي وإنطلقت مبتعده عنها متحاشية النظر نحوه لأهرب بعقلي وجسدي وربما اترك قلبي معه إلى الأبد ..........

إلى الأبد .....لن أراه مرة أخرى وإلى الأبد لن أرى ضحكت عيناه ولا تلك الإبتسامه التي كانت من أجلي وحدي سأترك الرجل الوحيد الذي عشقته وإلى الأبد كان قراراً واحداً سيغير حياتي إلى الأبد ..................وربما يكون أغبى قرار وربما يكون أحسن قرار هكذا حدثت نفسي ............

سحقاً لك أيها العقل سحقاً لكل الترتيبات والتعقيدات ........نعم ربما يكون أغبى قرار ولكنني سعيدة نظرت نحوه كان لا يزال وقفاً مكانه ربما ليلقي علي نظرة أخيرة قبل أن أختفي من حياته وكانت الدموع بحر ثائر داخل عيناه ....إبتسمت ودموعي تسبقني وقلت : بس توعدني أول مرتب تاخده لما تشتغل نحوشه علشان بيت الشط

هاهي إبتسامته رأيتها مرة اخري وإنطلقت دموع السعادة من عينيه لتزيح عن طريقها دموع الفراق إنطلق نحوي وإحتضنني بشدة كان يقول : حبيبتي ومراتي وبنتي ....بحبك يا ريم بحبك ......

بحبك قلتها وأنا أنظر نحوه وتابعت دول ودول مابيكدبوش وأشرت لأعيننا .......


أمسك بيدي لنخرج من المكان نظرنا نظرة أخيرة لميلاد حبنا وتركناه أغلقنا بوابة القصر وراءنا وإنطلقنا لنبدأ سويا عهداً جديداً ونظرات مدام أمينة ما زالت تراقبنا ولكن بإبتسامة صادقها تحركها بقايا من بذور الطيبة فقط تحتاج لمن يرويها ......


تمت

مروة جمال

هناك تعليق واحد: