السبت، 17 مارس 2012

منزل الأسرار ............قصة على أجزاء (1)

هي أبسط ما قد تراه عيناك ليست جميلة الجميلات .......لا ترتدي أفخر الثياب ........ ولكن ستنجذب إليها بمجرد رؤيتها بملامحها البسيطة وحديثها المرتب
...........


هو وسيم بدرجة كبيرة ولبق بدرجة أكبر ولكن ................ ولكنك ستخافه وستسعى للهروب منه فصحبته ليست ممتعة دائماً


كيف سيلتقيان وماذا سوف يحدث دعونا نبدأ


الفصل الأول

مقابلة عمل


منتصف الليل الثانية عشر مساءً ....إنها غالباً ما تكون مستغرقة في النوم في هذا التوقيت ولكن تلك الليلة كانت مختلفة هناك عمل جديد ينتظرها في اليوم التالي ستنتهي من محاضراتها في الرابعة تقريباً وسيأخذها الدكتور فؤاد لمقابلة الأسرة ...... الدكتور فؤاد شخص طيب في الواقع ويسعى دائماً لمساعدتها منذ أن قابلها في مطعم البيتزا وعلم أنها تعمل هناك في فترة المساء لم يخفى الدكتور فؤاد إعجابه بطالبة الطب النشيطة التي تدرس صباحاً وتعمل في المساء لمساعدة والدتها و قرر مساعدتها ليعرض عليها بعد فترة تلك الوظيفة ...........سيدة مسنة تحتاج لممرضة مقيمة إنها فرصة خاصة أن احدى الممرضات ستكون مع السيدة في الصباح وستتولى هي أمر الفترة المسائية وستبيت أيضاً والعمل بالطبع أقل إرهاقاً من عمل المطعم وبالطبع المرتب كبير ولكنها كانت قلقة ربما لفكرة المبيت في منزل غرباء أو التعامل مع مريضة مسنة وتحمل مسؤوليتها وهي ما زالت في السنة الخامسة وعلى الرغم من تدريب الدكتور فؤاد لها على كل ما قد تحتاجه إلا أن القلق ظل يحوم حولها طوال الليل . 



بعد أن أنتهت محاضراتها الأخيرة وجدت الدكتور فؤاد أمامها مبتسماً. كان الدكتور فؤاد في حوالي الخمسين من عمره وله وجه بشوش وشارب كثيف وقد عرف الشيب طريقه لشعر رأسه فأصبح خليطاً بين الأسود والأبيض وكان الدكتور فؤاد ومحبوباً لدى جميع الطلبة . إقترب منها وقال بصوت مرتفع : شكلك مانمتيش مش قولنا نبطل قلق

ردت ريم بهدوءها المعتاد : غصب عني يا دكتور والله

- طيب يلا اركبي العربية مش عايزيين نتأخر على الناس

ركبت ريم السيارة معه واتجهوا معاّ لمقر عملها الجديد ..........


إنطلقت السيارة بسرعة متوسطة تشق الزحام حتى وصلت للقصر وبمجرد أن رأت ريم المكان أحست بالرهبة حيث أن مشهد القصر الضخم القديم أعطاها شعور بعدم الإرتياح ولكنه سرعان ما تبدد مع مقابلة مديرة المنزل مدام أمينة كانت سيدة تبدو في العقد الرابع من العمر لها وجه بشوش سرعان ما استقبلتهما بإبتسامة بسيطة ووجهت حديثها للدكتور فؤاد قائلة : عندي خبر حلو وخبر وحش يا دكتور

- امممم مش عارف يا مدام أمينة أفرح ولا أزعل بس وشك مطمني

- إطمن يا دكتور الخبر الوحش إن البيه الصغير سافر وعلشان كده بيعتذر انه مش حيقدر يقابلكوا لكن الخبر الحلو هو بيقولك الموضوع مش محتاج مقابلة وهو واثق في إختيارك بالنسبة طبعاً للآنسة والآنسة الثانية اللى بتيجي الصبح

- كلام جميل اعرفك يا ستي بالدكتورة ريم

نظرت مدام امينة نحوى مبتسمة ومتعجبة في نفس الوقت وقالت للدكتور فؤاد وهي تمد يدها إلي بالسلام : دكتورة !!!!

- أيوه ريم دكتورة بس صغيرة شوية طالبة عندي في الكلية وهي بتشتغل وانا رشحتها للوظيفة دي

- أهلا بيكي يا دكتورة نورتينا

نظرت إليها بابتسامة بسيطة وقلت : متشكره يا مدام أمينة

وعندها تابع الدكتور فؤاد حديثه : ريم حتبقى مسؤوله عن المدام في الفترة المسائية وحتبات معاها والصبح حابعت ممرضة من عندي في المستشفى لأن ريم بتكون في كليتها الصبح . ياترى المدام صاحية نطلع عندها

- اه طبعاً اتفضلوا 

بعدها همست مدام أمينة موجهه حديثها للدكتور فؤاد : معلش يا دكتور إنت مش شايف إن الدكتورة صغيره شويه يعني مش حيكون عندها خبرة في التمريض

- ماتقلقيش ريم دى أشطر طالبة عندي وأنا علمتها كل اللى حتحتاجله وهى أنسب شخص أنا شفته مناسب علشان البيات في حالة احتياج طارئ لا قدر الله

- إنت الأدرى طبعا  إتفضل

بعدها إتجه الجميع نحو الغرفة العلوية 
 


الفصل الثاني

المريضة الصامتة


دخلت مدام أمينة إلى الغرفة وتبعتها أنا والدكتور فؤاد في تلك اللحظات كنت استرجع حديث الدكتور فؤاد عن تلك السيدة الحالة المرضية مسؤوليتي في الفترة القادمة لم تكن مسؤولية صعبه فالسيدة تعاني من شلل أقعدها عن الحركة وعن الكلام أيضاً منذ فترة ولكن تطور مرض السكر لديها كان داعياً لوجود متابعة طبية دائمة نظراً لمواعيد الحقن واحتياجها لتركيب المحاليل من وقت لآخر .


- إتفضل يا دكتور فؤاد  قالت مدام أمينة تلك الجملة وهي تتجه نحو السيدة الصامته ربما لتلفت إنتباهها للقادمين وإقترب منها الدكتور فؤاد قائلاً

- أخبارنا ايه النهارده لا أنا شايف على وشك تحسن كبير

لم تبدي السيدة أي إستجابه لكلام الدكتور وعلى الرغم من رهبتي من هذا الوجه المتجهم إلا انني شعرت بالتعاطف معها ........ حتى تحولت فجأة ونظرت نحوي لتأخذ ملامحها شكلاً آخر من الدهشة والغضب في نفس الوقت مما جعلني أشعر بالرغبة في الهروب من المكان لولا تدخل مدام أمينة لإنهاء رحلتنا القصيرة داخل الغرفة بلباقة ........


- خلاص يا دكتور دكتورة ريم حتبقى معانا من بكرة إن شاء الله

- على بركة الله   قالها الدكتور فؤاد

إنتابتني حالة من الغضب وأردت أن أصرخ في وجوهم لأبين لهم نظرة السيدة نحوي وأنها على ما يبدو غير راضية عن وجودي ولكن الدكتور فؤاد لم يعطيني فرصة وجذبني قبل أنطق خارج القصر وركبنا السيارة مسرعين.


قبل أن اتحدث واجهني الدكتور فؤاد بما أردت قوله

- انا عارف يا ريم إنتي عايزة تقولي إيه وانا أخدت بالي جيهان هانم بصتلك إزاي لكن إنتي لو مكاني مش حتستغربي أنا بتابع حالة المريضة دي بقالي سنتين إبنها جابها العيادة وكانت حالتها زي مانتي شايفاها ومش بتتحسن ومعتقدش إنها حتتحسن حالتها صعبة وعمرها ما ضحكت ولا ابتسمت حتى لنكتة بايخة قلتها وماشفتيهاش كانت تبص للممرضات إزاي لدرجة إنهم كانوا بيخافوا منها بس هي معذورة مانكرش إنها بطبيعتها يبدو عليها إنها كانت شخصية قاسية حتى قبل ما تتعب لكن دلوقتي هى مجرد مريضة قعيدة حتى الكلام مش قادره تقوله فمتخليش نظرة قاسية منها أو حتى غضب من حالتها قبل ما يكون منك يطفشك من الشغلانه ولا ايه


وافقت الدكتور فؤاد على رأيه وأقنعت نفسي بمحتواه وبدأت أرتب أشيائي للإنتقال للمنزل وممارسة عملي الجديد
 .


الفصل الثالث

منزل جديد



 
أخيراً إستطعت التخلص من الافكار السلبية برأسي وقمت بتجهيز ملابسي للإنتقال للقصر وكان الدكتور فؤاد لطيفاً معي كعادته وعرض أن يوصلني خاصة أنه أحس بفطانته أنني قد نسيت العنوان وبالفعل كانت الساعة حوالي الرابعة عصراً عندما وصلنا للقصر ووجدت مدام امينة في انتظارنا بإبتسامتها المعهودة وانصرف الدكتور فؤاد وأرشدتني مدام أمينة إلى غرفتي ثم قالت لي :- يلا وضبى هدومك وأنا مستنياكي تحت علشان نتغدى سوا

- حاضر بس أطمن على جيهان هانم الاول

- انتي مستعجلة على الشغل كده ليه جيهان هانم اتغدت ونامت دلوقتي كده كده حتبصي عليها على معاد الحقنه

ابتسمت لها وبعد ان قمت بتوضيب أشيائي نزلت لتناول الغداء معها


في الحديقة كانت تجلس مدام أمينة أمام طاولة صغيرة نظرت نحوي مبتسمه كعادتها وقالت : تعالي يا ريم اتفضلي

- متشكرة قوي بس مبدئياً اوعي تكوني عطلتي معاد غداكي علشاني

- ايه الكلام الخايب ده انا ما صدقت حد ياكل معايا ويفتح نفسي يلا كلي انتي مش ضيفة


تناولنا طعام الغداء وأثناء ذلك حكت لى مدام أمينه عن طبيعة المنزل والخدم فهناك الطباخ والسفرجي وخادمتان لتنظيف المنزل وأيضا بواب القصر وهي مديرة المنزل ومسؤولة عن جيهان هانم وتقوم بجميع طلباتها السيدة ذات طبع صعب هكذا أخبرها إبنها عندما استلمت العمل جاءت بعد أن هربت اثنتان قبلها أما هي لا ترى ذلك بالعكس تراها سيدة مريضة تشعر بالشفقة نحوها أما صاحب المنزل ابن السيده جيهان هو شاب ربما تعدى العقد الثالث بسنتين و هو لا يمكث في المنزل كثيرا دائم السفر وعند وجوده يخرج من الصباح الباكر للعمل وأحيانا يعود متأخرا تقدر مدام أمينه إهتمامه بتوفير متطلبات والدته وإصراره على وجود طاقم تمريض بجانبها للعناية بها ولكنها تتحفظ على استضافته لبعض الحفلات لأصدقائه أحياناً مما يزعج والدته المريضة .

انتهى الطعام وانتهى الكلام وصعدت انا ومدام أمينة نحو غرفة السيدة جيهان وابتسمت ابتسامة بسيطة وانا اتجه نحوها كانت مستيقظة على السرير تنظر نحو النافذه في صمت قمت بالإطمئنان عليها وأعطيتها الأدوية اللازمة

- ماشاء الله عليكي يا ريم ايدك شكلها خفيفة في الحقن باين على وش جيهان هانم  قالت مدام أمينه الجمله ونظرت نحو جيهان هانم التي ابتسمت ابتسامة بسيطة

- طيب الحمد لله حضرتك تمام الضغط كويس ونسبة السكر تمام

- كويس قوي انا بقى حاجهزلك الحمام قالتها مدام امينة وهي تنظر نحو جيهان هانم

- طيب انا ممكن اساعدك يا مدام امينة

- لأ قالتها مدام أمينة لأول مرة بدون ابتسامة سادت لحظة صمت كسرتها مدام أمينة بهدوء مرة أخري : أصل جيهان هانم متعوده على كده انا بعملها كل حاجه كمان مش عايزة اتعبك تقدري تتفضلي انتي دلوقتي يا ريم

خرجت من الغرفة وعندي احساس كبير بالحرج ثم اتجهت لغرفتي ولم أخرج منها حتى حان موعد الدواء الآخر للسيدة جيهان .


مر اليوم الأول ببطء بين مكوثي أغلب الوقت بغرفتي وتناوبي على غرفة السيدة جيهان من وقت لآخر للإطمئنان عليها و إعطائها الدواء مع وجود نوع من التوتر أحسسته بيني وبين مدام أمينه عند الإقتراب من الغرفه والحقيقة أن السيدة لم تتركني لتساؤلاتي طويلاً فتلقيت منه دعوة لتناول طعام العشاء سوياً ثم بادرتني قائلة : بصي يا ريم ماتزعليش اني احتديت عليكي لما عرضتي مساعدتي بخصوص مدام جيهان

ظللت صامته أنظر إليها حيث أن هذا لم يكن تساؤلي الوحيد فيبدو أنها كانت لا تريد مني التواجد في غرفة السيدة ولم اكن اعرف كيف سأوجه لها السؤال

تابعت بهدوء : بصي يا ريم مدام جيهان مرضها ربنا يكون في عونها بيخللي نفسيتها وحشه أغلب الوقت وتقريبا مش بتقبل ان اي حد يساعدها في أمورها الشخصية غيري وحتى بتتعصب عليا كثير بس خلاص احنا اتعودنا على بعض فقلت تيجي مني احسن ما تحسي ده من ناحيتها كمان هي بتفضل تكون لوحدها اغلب الوقت علشان كده أفضل ليكي التواجد بس في مواعيد الدواء وتطمني عليها في الوقت ده

- ايوه بس ...........

- بس ايه انتي حتدخلي ليها على الاقل 5 مرات في فترة الليل هي متعوده على كده مع الممرضة بتاعة الصبح وياستي انا وانا معاها لو حسيت انها تعبانه أكيد حاقولك علطول


انتهي الحديث بكلامها وصمتي واتجهت لغرفتي لقضاء الليلة الاولى ظللت أفكر في احداث اليوم وفي هذا القصر الكبير الذي يبدو كئيباً من الخارج والداخل أيضاً رغم الفرش الوثير كانت غرفتي بعيدة عن غرفة السيدة جيهان على عكس غرفة مدام أمينة كانت ملاصقة لها تماماً . لم يعجبني كلام مدام أمينة عن تحديد مواعيد دخولي لغرفة المريضة فقررت إستشارة الدكتور فؤاد في الصباح وحاولت ان أتوقف عن التفكير حتى أحظى بساعات نوم جيدة .


الفصل الرابع

صباح جديد


استيقظت باكراً في اليوم التالي وبسرعه ارتديت ملابسي وغادرت القصر مسرعة ربما لانني لم ارغب في الاحتكاك بمدام امينه الا بعد ان اتحدث مع الدكتور فؤاد وبالفعل وجدني الدكتور فؤاد امامه
باكراً قبل موعد المحاضره بوقت غير قليل

- خير يا ريم اللى جايبك بدري كده

- اصل بصراحه عايزه استشير حضرتك في حاجه

ابتسم الدكتور فؤاد وكأنه كان يتوقع حديثي وقال : طيب اقعدي خير ؟؟

حكيت له بالتفصيل ماحدث بيني وبين مدام أمينه متبعة حديثي بالجمله الأهم : حضرتك هى كده بتتدخل في شغلي ودي مسؤوليه المريضه مسؤوله منى ولازم اكون جنبها اغلب الوقت ولا ايه ؟؟

صمت الدكتور فؤاد قليلاً ثم نظر لي بإبتسامته المعهودة قائلاً : بصي يا ريم انا فاهم قصدك لكن مدام امينه هي اكثر واحده عارفه متطلبات مدام جيهان وهي فعلا بتحب تكون لوحدها اغلب الوقت وانا شايف ان كده اريحلك وجودك اهميته في الطوارئ لا قدر الله وطبعا في متابعتها من وقت للثاني لكن مش بطريقه دائمة الحاله متستدعيش ريحي نفسك انا رشحتك للوظيفه لان دي طبيعتها وحتكون مريحه ليكي عشان تشوفي مذاكرتك ولا انتي عايزة تتعبي نفسك.

انتهى حديثي مع الدكتور فؤاد وانتهت المحاضرات وسلكت طريق العوده للقصر لبدء نوبة عمل جديدة قد تكون مريحة ولكن لا اعرف لماذا لا أشعر بالإرتياح .....


وجدت مدام أمينه تستقبلني بنظره غاضبه في بهو القصر تبعتها بإبتسامه سريعه وهي تقول : كده تنزلي من غير ما تصبحي عليا ولا حتى تفطري

- أبدا انا ماكنش قصدي بس كنت مستعجله وشفت سوسن ( ممرضة الفترة الصباحية) وانا خارجه فقلت مفيش احتياج ليا هي مكاني

- انا بافطر بدري حوالي الساعة 7 لو بتصحي بدري نفطر سوا ولو صحيتي متأخر عن كده حتلاقي فطارك جاهز في المكان بتاعنا ماينفعش يا حبيبتى تنزلى من غير فطار

- اصل انا متعوده على كده

- لا دي عادة مش كويسه وجبة الفطار اهم وجبه شفتي انا باتكلم زي ماما صح

ابتسمت لها واحسست انها بذكاء تخلصت من شحنة التوتر بيننا وبالفعل تناولنا طعام الغذاء سويا وتناقشنا في امور عديدة ومارست عملي اليومي الخاص بالاعتناء بالسيدة جيهان ومر اليوم أبسط من اليوم السابق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق